الدرس رقم 1

لماذا يتطلب التخزين (Staking) إعادة تطوير

يتناول هذا القسم العيوب الأساسية في نماذج التخزين الحالية، مثل مخاطر المركزية والثغرات المتعلقة بالعقوبات، كما يعرض زيادة الحد الأقصى لعدد المصادقين في شبكة إيثريوم. يمهد القسم لفهم الآلية التي تعتمدها تقنية التحقق الموزع (DVT) لمعالجة هذه التحديات عبر توزيع مهام المصادقة على عدة عقد في الشبكة.

نظام إثبات الحصة (PoS) في إيثريوم

يعتمد نظام إثبات الحصة (PoS) في شبكة إيثريوم على شبكة واسعة من المحققين الذين يؤمنون الشبكة، ويقترحون الكتل، ويحافظون على الإجماع. رغم أن ترقية PoS صممت لتعزيز اللامركزية وخفض العوائق أمام المشاركة مقارنةً بإثبات العمل، إلا أن واقع التخزين الآن أدى إلى بروز أنماط جديدة من المركزية والمخاطر. البنية التحتية الحالية للمحققين عرضة للانقطاعات، ونقاط الفشل الفردية، وتنامي سيطرة المؤسسات الكبرى. هذه التحديات تهدد المبادئ الجوهرية لإيثريوم وتخلق اختناقات تشغيلية تسعى تقنية المحققين الموزعة (DVT) لتجاوزها.

المركزية في تخزين إيثريوم

رغم أن تخزين الإيثر بني على فكرة اللامركزية، إلا أن التوزيع الفعلي للمحققين يظهر عكس ذلك. ففي منتصف عام 2025، نجد أن نسبة كبيرة من المحققين النشطين تتركز لدى عدد قليل من الكيانات. إذ تدير مزودات التخزين السائل، ومنصات التداول المركزية، والمشغلون المؤسسيون للعقد حصة الأغلبية من المحققين، ما يثير المخاوف حول السيطرة ومقاومة الرقابة. فمثلاً، تستحوذ منصات مثل Lido وCoinbase وBinance مجتمعة على حصة كبيرة من إجمالي حجم التخزين، مما يمنح هذه المؤسسات قدرة على التأثير في عملية تحقق الكتل على شبكة إيثريوم.

وهذه المركزية ليست فقط تقنية، بل تشمل أيضاً البعد الجغرافي والتنظيمي؛ إذ تعمل العديد من الجهات ضمن أطر تنظيمية متقاربة، ما يرفع احتمال فرض الرقابة أو حدوث عمليات قص جماعي في حال تعرضوا لضغوط خارجية. ويقل تصدي مجموعة المحققين للمخاطر عندما تعتمد العديد من العقد على نفس مقدم البنية التحتية أو المنطقة السحابية أو الدولة.

إضافة إلى ذلك، تعتمد هذه الكيانات المهيمنة غالباً على أنظمة مغلقة داخلية لإدارة المحققين، مما يحد من مستوى الشفافية ويضعف تنوع البرامج وأنظمة العمل. وعلى الرغم من أن ذلك يرفع من كفاءة الأداء المؤسسي، فإنه يفاقم هشاشة البروتوكول نتيجة تركّز قوة التخزين في أنظمة تشغيل معزولة.

مخاطر التوقف والقص ("Slashing")

تشغيل المحقق في إيثريوم محفوف بالمخاطر. فتصميم PoS يشترط بقاء المحقق متصلاً بالشبكة وأداء مهامه بدقة. أي إخفاق يؤدي إلى غرامات أو حتى "Slashing"، أي اقتطاع قسري من الإيثر المحفوظ. ويستهدف القص الأعمال الخبيثة مثل التوقيع المزدوج أو الهجمات بعيدة المدى، لكن في الواقع قد يتعرض حتى المشغلون الموثوقون للقص بسبب أعطال في الإعداد أو فشل البنية أو الأتمتة.

وجود نقطة فشل واحدة—كحدوث عطل في الخادم أو انقطاع الإنترنت—قد يتسبب في توقف المحقق وفرض غرامات عند التوقف. وإذا تكررت الإخفاقات، يخسر المحقق المكافآت وربما يُطرد من المجموعة النشطة. وما هو أسوأ، أن فشل عدة محققين يتبعون نفس الجهة في وقت واحد—مثلاً عند تعطل مقدم خدمة سحابية رئيسية—يؤدي إلى قص مترابط، ما يضاعف الخسائر المالية.

هذه الهشاشة تثني المشغلين الأفراد عن المشاركة؛ إذ إن ضمان العمل الدائم والتسامح مع الأعطال يتطلب استثمارات كبيرة في أنظمة احتياطية وأدوات مراقبة متطورة وخطط استجابة سريعة. أما المراهنون الأفراد فغالباً ما يعتمدون على عقدة واحدة فقط بلا أنظمة مؤسسية للنسخ الاحتياطي، ما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر. ونتيجة لذلك، تميل السيطرة تدريجيًا لصالح المشغلين المحترفين القادرين على التعامل مع المخاطر التشغيلية.

ترقية Pectra لإيثريوم وتوسعة الحد الأقصى لرصيد المحقق


المصدر: Gate.com

سترفع ترقية Pectra القادمة في إيثريوم الحد الأقصى الفعلي لرصيد المحقق من 32 إيثر إلى 2,048 إيثر، ما يجعل بمقدور المحقق الواحد إدارة حجم أكبر بكثير من الرصيد. هذا يدعم قابلية البروتوكول للتوسع ويقلل من عبء الاتصالات، لكنه يؤثر مباشرة في مستوى تنوع المحققين.

في النموذج الحالي ذو الـ32 إيثر، يضطر أصحاب الحصص الكبرى لتشغيل العديد من المحققين المستقلين لتخزين المبالغ الضخمة، فيتوزع العمل بين مفاتيح تحقق متعددة، ويمكن نظرياً أن تُوزع على جهات أو أنظمة مختلفة. أما مع السقف الجديد البالغ 2,048 إيثر، يصبح بمقدور محقق واحد فقط إدارة ما كان يتطلب أكثر من 60 محققاً سابقاً. هذا الدمج يقلل من التعقيد التشغيلي لكنه يرفع مخاطر المركزية، تحديداً لدى مزودي التخزين السائل والأمناء الذين يدمجون ودائع المستخدمين في محققين ذوي أرصدة ضخمة.

أما المخزّنون الأفراد أو المشغلون الصغار فلا يرجح أن يديروا محققين بهذه الأرصدة المرتفعة، ما يقلل من وزنهم النسبي، بينما ترتفع قيمة المخاطرة لدى المشغلين الكبار، إذ إن أي قص يؤثر الآن على مبالغ أكبر. من دون وجود آليات إضافية لتعزيز اللامركزية، قد تدفع هذه الترقية إيثريوم نحو بيئة تخزين أكثر مركزية بسرعة أكبر.

نشوء تقنية المحققين الموزعة (DVT)

في هذا السياق، تظهر تقنية المحققين الموزعة (DVT) كتحسين هيكلي جوهري لنموذج المحقق. فبدلاً من الاعتماد على جهاز أو مشغل واحد لإدارة مفتاح المحقق، توزع DVT مسؤوليات المحقق بين عدة عقد مستقلة يديرها أطراف مختلفون. من خلال تقنيات التشفير الحدّي والحوسبة متعددة الأطراف الآمنة، تتيح DVT للعقد المتعددة التنسيق وأداء مهام المحقق بشكل جماعي دون أن تمتلك أي عقدة المفتاح كاملاً أو تؤدي العمل منفردة.

هذا التصميم الموزع يعزز بشكل كبير قدرة النظام على تحمل الأعطال؛ إذ يسمح باستمرار عمل المحقق طالما بقي الحد الأدنى من المشاركين نشطين، حتى إذا توقف البعض. وبذلك، لا حاجة لأنظمة احتياطية مكلفة أو مراقبة دائمة من جهة واحدة. كما يؤدي إلى خفض احتمالية القص، لأن إخلال القواعد يتطلب تواطؤ عدة أطراف معاً.

ومن ناحية اللامركزية، تُمكن DVT إعدادات تحقق جماعية، بحيث تدار مهمة التحقق بشكل مشترك بين أفراد أو كيانات أو مجتمعات متعددة، ما يعيد توزيع السلطة ويزيد التنوع الجغرافي والتقني ويقلل المخاطر النظامية الناجمة عن احتكار المحققين. والأهم أن DVT متوافقة مع برامج العملاء وبرمجيات المحقق الحالية، ما يسمح بإدماجها في إيثريوم دون الحاجة إلى تعديلات بروتوكولية رئيسية.

مع تطور إيثريوم وازدياد تركّز مسؤوليات المحققين، تقدم DVT حلاً ملموساً للحفاظ على اللامركزية، والمرونة، والانفتاح التي تعتمد عليها الشبكة. وتعيد تعريف مهمة المحقق باعتبارها مسؤولية جماعية، أقرب إلى روح التعاون الجوهرية في تقنيات البلوكشين.

إخلاء المسؤولية
* ينطوي الاستثمار في العملات الرقمية على مخاطر كبيرة. فيرجى المتابعة بحذر. ولا تهدف الدورة التدريبية إلى تقديم المشورة الاستثمارية.
* تم إنشاء الدورة التدريبية من قبل المؤلف الذي انضم إلى مركز التعلّم في Gate. ويُرجى العلم أنّ أي رأي يشاركه المؤلف لا يمثّل مركز التعلّم في Gate.